مفارقة أولبرز !

15.4.16
كلمة
-A A +A

مفارقة أولبرز ! 

بدايةً ما سنتحدث عنه  بعيدٌ عن فكرةِ التلوث الضوئي في المدن الذي يحرمنا من مناظر رائعة ليلاً في السماء بلا شك، ولكن حتى في الأماكن البعيدة عن التلوث الضوئي في كل مرةٍ نتأمل فيها السماء ليلاً فإننا نشاهد فراغاً حالكَ السواد، مُرصَّعاً بالنجوم المتلألِئة البعيدة، ولكن لماذا هذا الظلام الدامس إذا كانت السماء مليئة بالنجوم والمجرات ؟!

ما هي مفارقة أولبِرز ؟

مفارقة أولبِرز (Olbers' paradox)؛ نسبةً إلى عالم الفلك الألماني هاينريش فيلهلم أولبِرز (Heinrich Wilhelm Olbers)، وهي تناقض ظاهري في علم الكونيات والفيزياء الفلكية، وتسمى أيضاً باسم مفارقة السماء المظلمة.
فالكون مليء بالنجوم والمجرات والغاز والغبار الكوني، والمنطق القديم يقول أن المجال الذي لا حصر له من النجوم سوف يرفع درجة حرارة الغاز والغبار الكوني وسيكون بذلك مشعاً كما النجوم، بالإضافة إلى الضوء الصادر عن النجوم والمجرات؛ ما سيجعل سماءنا ليلاً مضيئة ومشعة ونرى عدداً لا حصر له من النجوم والمجرات البعيدة؛ ولكن هذا لا يحدث !

حلول مقترحة لمفارقة اولبرز ؟

حقيقةً؛ إن التفسيرات الحديثة تقول بأن الكون محدودٌ وله عمرٌ معين، ويتوسع بشكلٍ متسارعٍ، وهذا وفقاً لاكتشاف أدوين هابل عام 1929م، ويتسبب هذا بإزاحة الضوء الصادر عن النجوم الأكثر بعداً إلى حيز الألوان التي لا يمكن للعين البشرية رؤيتها؛ مثل الانزياحٍ نحو اللون الأحمر من الطيف غير المرئي، بناءً على تأثير دوبلر، ولدينا أيضاً إشعاع الخلفية الكونية التي تضيء السماء بشكلٍ غير موحدٍ وبعددٍ قليلٍ من موجات الضوء المختلفة، ولكن عملياً نحن لا نستطيع إدراك هذه الطاقة بصرياً بأعيننا.

كما أن دراسة نُشرَت في مجلة الفيزياء الفلكية حاولت حل جزء جديد من لغز مفارقة أولبرز، فقد تمكن الباحثون برئاسة كريستوفر كونسيلتشي في مرصد لايدن في هولندا؛ من العودة إلى أصغر عصور الكون المبكرة، بعد مراجعة بياناتِ وصور التقطها تلسكوب الفضاء هابل التابع لوكالة ناسا لأعمقِ وأحلكِ بقعةٍ في الفضاء، والتي تكشف عن مجراتٍ كانت موجودةً عندما كان عمر الكون حوالي 400 إلى 700 مليون سنة، في حين يفترض العلماء أن عمر الكون الآن 13.8 مليار سنة.

ومن خلال استقراء المعدلات وعلى افتراض أن شيئاً ما كان قد حجب عنهم الرؤية؛ فلماذا ليس هناك توهج خلفيةٍ متماثل للضوء المرئي رغم كل هذه المجرات المكتشفة حديثاً ؟ وقد اقترحوا حدوث امتصاص للضوء من قبل الغاز والغبار الكوني الموجود في الفضاء، والذي يلعب دوراً بجعل السماء داكنةً، وهنا تمَّ حلُ جزءٍ لا يستهان به من مفارقة أولبرز.

حل مفارقة أولبرز

بعد هذه الدراسة وجد العلماء أن تلك النجوم والمجرات البعيدة المنزاحة نحو الأحمر يمكن أن يُمتص ضوؤها من قبل الغاز والغبار الكوني في فراغ الفضاء، ثم يعاد انبعاثه على شكل موجات من الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية والتي تكون بطبيعة الحال غير مرئيةٍ للعين البشرية، بالإضافة إلى الصعوبة البصرية في كشف كل الضوء الصادر عن النجوم والمجرات البعيدة بسبب الانزياح نحو الأحمر، والعمر والحجم المحدود للكون، كل هذا يبدو تفسيراً وحلاً معقولاً لمفارقة أولبرز !

موضوع: مفارقة أولبرز

إعداد: م. براءة البكور
تدقيق لغوي: محمد طحان 
تدقيق علمي: فراس كالو

المصدر

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

604674495926426932
https://age-of-science.blogspot.com/