ما هي الجينات الخردة وما قصتها ؟!

25.7.16
كلمة
-A A +A

ما هو الجين أو بالأحرى ما هي الجينة أو المورثة ؟

في البداية؛ فإن الجينة (Gene) أو المورثة هي الوحدة الأساسية للوراثة، فضمن هذه المورثات يتم تشفير أو ترميز المعلومات اللازمة لتكوين أعضاء وصفات الإنسان والوظائف العضوية الحيوية له، وتتواجد الجينات عادةً ضمن المادة الوراثية المتمثلة بالدنا (DNA) أو مايعرف بالحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين، ويكون الدنا (DNA) على شكل سلسلتين من الجزيئات مرتبطتين ببعضهما بشكل لولب مزدوج.
و الجين قطعةٌ من إحدى سلسلتي الـ(DNA) ولها موضعٌ محدد على هذه السلسلة، وتسمى المادة الوراثية الكاملة للإنسان باسم الجينوم البشري أو (Human Genome).

بداية استخدام مصطلح الجينات الخردة (Junk Genes)

في عام 1970م، كان الانطباع الأول لعلماء الأحياء والوراثة عن الجينات الوظيفية بأنها قطعٌ صغيرةٌ من الحمض النووي عائمةٌ في بحرٍ من الجينات عديمة القيمة، ما دفع وقتها العالِم فرانسيس كريك، الذي شارك في اكتشاف بنية الدنا، ليقول عنها: "أفضل قليلاً من الخردة"، ثم في عام 1976م صرح د. ريتشارد دوكنز قائلاً: "إن كمية الحمض النووي الموجودة هي أكثر بكثير مما تحتاجه الكائنات لبناء أجسامها....وأبسط تفسير لتلك الخردة هو اعتبارها متطفل"
منذ ذلك الحين صارت عبارة "الدنا الخردة" أو "الجينات الخردة" رائجة في أوساط علم الوراثة، وفي عام 2000م، عندما قدَّم العلماء مشروع الجينوم البشري أظهرت النتائج الأولية أن الغالبية العظمى من التسلسل الجيني ربما 97% ليس لديه وظيفة واضحة، و هذا ما ظنه العلماء خطأً، ما رسخ هذه الفكرة أكثر، لتنتشر في الكتب المطبوعة حديثاً وفي النقاشات العلمية الجديدة.

ما هو مشروع إنكود (ENCODE) و ما علاقته الموضوع ؟

لكن الحال تغير كلياً على يد فريق علمي أوربي في نهاية عام 2012، في مشروعٍ ضخمٍ لإعادة دراسة الجينوم البشري اسمه ENCODE، بقيادة العالِم إيوان بيرني (Ewan Birney) من معهد المعلوماتية الحيوية الأوروبي في كامبريدج، إنجلترا، فقد قاد إيرني فريقاً بحثياً مكوناً من أكثر من 400 عالِم لإعادة دراسة الجينوم البشري، في هذا المشروع الذي غير فهمنا كلياً لعالم الوراثة وما تخبأه هذه الجينات الخردة من كنوز !
لقد كشف هذا المشروع أن ما كان يوصف بجينات خردة؛ تحوي عناصر وراثية هامة للغاية، وأن لها دوراً وظيفياً بيوكيميائياً، فقد عُثِر على مجموعة مذهلة من العلامات والمفاتيح المخبأة ضمن الدنا الذي كان يعتقد سابقاً أنه خردة !

نهاية مصطلح الجينات الخردة

رغم أن الدراسات السابقة كانت تقول بأن 3-15 في المئة من الجينوم له أهمية وظيفية فقط، والباقي خردة، كشف لنا مشروع ENCODE أن النسبة قد تصل إلى 80 في المئة من الجينوم ! 
تقول المجلة العلمية المشهورة نِتشِر (nature) عن البيانات القادمة من هذا المشروع: "مكَّنتنَّا هذه البيانات من تخصيص وتحديد الوظائف الكيميائية-الحيوية لحوالي 80٪ من الجينوم البشري".

أعتقد حقاً أن هذه العبارة لم نعد نحتاج لها تماماً في القاموس! - العالم إيوان بيرني

يقول بيرني: "لقد كان معلوماً لدينا دائماً بأن هناك جينات مرمزة للبروتين، وقد كان واضحاً دائماً بأن هناك تنظيم، لكن ما كنا نجهله فقط كم هي واسعة النطاق بالضبط"، ومن ناحية أخرى، فإن الانْتِساخ (Transcription) أي نسخ الدنا (DNA) إلى الحمض النووي الريبي (RNA) يبدو أنه يحدث طوال الوقت، في الواقع حوالي 80% من الجينوم تتم ترجمته وانتساخه ! ورغم ذلك مازال هناك أشياء نجهلها ونحاول كشفها في المستقبل، يتوقع قائد فريق البحث أنهم يحتاجون مابين 50-100 سنة أخرى لفهم الجينوم البشري بشكل كامل!

في النهاية نختم مقالنا هذا بالسؤال الذي وجهه الكاتب في مجلة scientific american إلى العالِم بيرني؛ قائلاً : هل يعني هذا تقاعد مصطلح الدنا الخردة الآن؟ يجيب العالم بيرني بثقة: "نعم، أعتقد حقاً أن هذه العبارة لم نعد نحتاج لها تماماً في القاموس!"

مقال: ما هي الجينات الخردة وما قصتها ؟!

إعداد: فراس كالو

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

604674495926426932
https://age-of-science.blogspot.com/